الأربعاء، 13 يونيو 2012

القدس لمن؟


أخطأ شيخ الأزهر. كيف يزور القدس ويصلي بالمسجد الأقصى وهو تحت الاحتلال. هذا تطبيع واضح وطعنة لكل المسلمين.

هكذا كان رد فعل الكثيرين تجاه زيارة شيخ الأزهر للقدس. ثورة عارمة وتشكيك في وطنيته ودعوة لخلعه من منصبه.. إضافة إلى اتهامات وتهكمات في صور مختلفة. أعزى البعض اتهامه إلى كون الزيارة اعترافاً بالكيان الصهيوني.. والبعض الآخر لمحاولة التطبيع أو البحث عن الشهرة. كثير من الأقلام هاجمت دون الرجوع إلى الشخص المعني بالقضية، وضعت إفتراضات وصدقتها وكونت وجهة نظر مضادة وأعلنت عنها في عجالة تامة.. فظهرت الاعتراضات حتى قبل عودته من السفر.

وللأسف.. فالحال هنا هو حال كثير ممن يؤمنون بقضية ويدافعون عنها باستماته لكنهم لا يحاولون معرفة جذور القضية أو السبل المختلفة للتعامل معها. فترى الغالبية من مهاجمي الشيخ مقتنعين بأنه لا زيارة للقدس قبل التحرير دون توضيح كيف يتم هذا التحرير ولا متى. قد يكون الهدف من منع الزيارة عزل المحتل الصهيوني وعدم الاعتراف بوجوده مما يشكل ضغطاً يدفعه إلى السعي لحل المشكلة الفلسطينية. وهو هدف نبيل ولكن للأسف غير واقعي، لأسباب :

-         لم يعد العدو الإسرائيلي في حاجة إلى اعتراف العرب به فكثير من دول العالم تعترف به
-         محاولة عزل العدو تحولت بصورة ما إلى عزل للقدس وتركها سائغة للتهويد ومحاولات محو هويتها العربية.

لذا قد يكون تجريم زيارة القدس مجرد تمسكاً بفكرة قديمة لم تجد نفعاً من قبل أو رفضاً لواقع أليم أو ربما نوعاً من الجمود وعدم القدرة على طرح حلول أكثر فاعلية. ويظهر فقر الحجة جلياً في محاولة البعض تشويه صورة شيخ الأزهر بدلاً من مناقشة القضية بموضوعية. كما يظهر في النظرة الواحدية للمشكلة وسرعة وعنف الهجوم مع عدم إتاحة الفرصة لسماع الرأي الآخر.



فإذا ما تناولنا القضية بموضوعية وجدناها قضية إنسانية وسياسية واقتصادية واجتماعية وبالتالي لا يصح إصدار أحكام عامة بشأنها أو تجريد حل القضية في عنصر واحد ورفض أي حلول جديدة. وإذا نظرنا للأمر بطريقة مختلفة، سنجد أن زيارة القدس قد تفتح آفاقاً جديدة لحل المشكلة. فهي ستساعد على الإلمام بالوضع هناك بعيداً عن سلطة الإعلام وما ينقله من حقائق وأكاذيب تبعاً لتوجهات جهة البث. والوقوف على حقيقة الموقف من أهم الخطوات نحو الخروج بتصورات جديدة لحل القضية.

وقد تكون سبباً لنشوء حراكاً اقتصادياً يخدم القضية – حتى وإن كان محدوداً في بدايته-  ناتجاً عن الخدمات السياحية وتعاملات البيع والشراء حيث سيفضل العرب بلا ريب التعامل مع إخوتهم الفلسطينيين دوناً عن غيرهم.

 كذلك فالتواجد العربي والإسلامي سيؤكد هوية المدينة ويرسخ فكرة تمسكنا بها مهما أبعدنا عنها. كما سيشكل دعماً نفسياً للإخوة الفلسطينين في مقابل تركهم بمفردهم في مواجهة العدو.

ونهاية فإن إعطاء أولوية لتحرير القدس قبل زيارتها قد يكون حلاً شاملاً للقضية إلا إنه يشبه التعامل مع كتلة صلدة وبالتالي يعد عائقاً أكثر منه حلاً بينما تحليل القضية إلى عناصرها المختلفة والموازنة بين هذه العناصر تبعاً للأهمية والفاعلية والإمكانات  المتاحة سيساهم في توفير بدائل مختلفة قد يكون أحدها المبادرة بزيارة القدس.

اللهم ارزقنا صلاة في الأقصى وأعنا على تحريره.