الأحد، 14 يوليو 2013

في مدينتي الفاضلة -1


حدث في مدينتي الفاضلة أن علم الحاكم ذات يوم بوجود أزمة وقود لدى دولة من الجيران فما كان منه إلا أن كلف معاونيه بتقصي الأمر ومعرفة احتياجات الجيران وكيف يمكن أن يضمها إلى احتياجات شعبه وماذا تكون التكلفة. ثم عرض الأمر على المستشارين للوصول لصيغة تعاقد بين الدولتين لتوريد الوقود بما يضمن حقوق الطرفين وأذاع الأمر بين شعبه لمعرفة رأيهم واستقبال أسئلتهم وتخوفاتهم - إن وجدت - ثم بدأ التوريد بأمانة وشفافية وحل مشكلة الدولة الشقيقة وخلق فرص عمل لأفراد شعبه بحكم هذا التعاقد الجديد.

ولذلك عجبت أشد العجب عندما قرأت في الأخبار عن حاكم دولة يسمح بسرقة وتهريب وقود قومه ليساعد به دولة شقيقة فيصنع أزمة لشعبه ثم يخترع لهم الأعذار بل ويلومهم على نقص الوقود ويهددهم برفع ثمنه حتى لا يجهد ميزانيته بما يقدمه من دعم للوقود. 

وبجانب العجب شغلتني عدة أسئلة :
- لماذا لا يتمتع هذا الحاكم بالشفافية والجرأة ليعلن عن مشاكله وخططه ويطرح حلولاً ومشاريعاً تفيد شعبه وجيرانه؟
- هل يفتقد هذا الحاكم للثقة بينه وبين شعبه، فكيف يولى عليهم إذن؟
- لماذا يسمح الحاكم بالعمل في الخفاء وما يتبعه ذلك من ضياع حقوق (أين يذهب ثمن الوقود المهرب؟) واستخدام لقوى غير قانونية (كيف يتم حماية هذه المهربات أثناء رحلتها؟) ونشر للفساد (إذا كان رب البيت بالدف ضارب !!)؟
- ألا يمكن أن يؤثر هذا على نظرة الشعب "المسروق" لجيرانه؟ ألا يمكن أن يثير حفيظته أن تصدر له مشكلات الجيران دون تبرير؟
- هل الإعلان عن الرغبة في مساعدة الجار سيقابل بكم من الرفض والإنكار تدفع الحاكم لسرقة موارد شعبه وتهريبها؟ 
- هل تعد السرقة سرقة إذا ما كانت "لهدفٍ نبيل"؟ وهل يصلح أن يكون الحاكم حاكماً إذا ما كان سارقاً "لهدفٍ نبيل" ؟

وبحثت عمن يجيبني فلم أجد، فكل سكان مدينتي الفاضلة في نفس حالة الذهول من الخبر المنشور ومن إدارة الأزمة بهذه الطريقة .. فحمدت ربي على أن أوجدني في مدينتي الفاضلة أنعم بحاكم يساعد جيرانه ويرضي شعبه وبشعب يحب جيرانه ويعين حاكمه ودعوت لكل حاكم أن يرشده الله للصواب ويمتعه بالبصيرة ودعوت لكل شعب إن يول الله عليه من يصلح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق