الاثنين، 16 أبريل 2012

"هناك من الفلاسفة من هو كالعنكبوت .. ينسج بيته من خاماته الذاتية .. ومن هو كالنملة .. يخزن ويستخدم .. وهناك من هو كالنحلة.. يجمع الرحيق من الزهور والحقول ثم يصنعها بقوته الذاتية، وهذا هو الفيلسوف الحق" فرانسيس بيكون
اتبعت الفلسفة مناهجاً مختلفة في تفسير الكون .. أوجزها بيكون في جملته السابقة. فمن الفلاسفة من اعتمد النشاط العقلي كسقراط الذي اعتقد بولادة الإنسان مزوداً بالمعلومات جميعها في حالة كمون وبالتالي اعتمد منهج الحوار لاستيلاد المعرفة الفلسفية، فكان يطرح تساؤلاً بعد تساؤل ويترك محاوره يجيب حتى يكتشف بنفسه الحقيقة الكامنة في فكره. وهناك من اقترنت فلسفته بالتجربة العلمية مثل ديفيد هيوم الذي قال بأن أي قضية لا تتعامل مع الرياضيات أو القضايا العلمية الطبيعية ما هي إلا أوهام وسفسطة. وهناك من تفاعل مع التجربة وأعمل فيها فكره ليصل للنتيجة المرجوة مثل جون لوك الفيلسوف التجريبي الذي أقر بقصور الحس الظاهر والباطن عن توليد بعض المفاهيم والتي يلزم تدخل الفاهمة البشرية للوصول لحقيقتها.
فالفلسفة علم ونشاط وقد تأرجحت مباحث الفلسفة بينهما بقوى مختلفة.. فبينما مالت الفلسفة اليونانية إلى النشاط العقلي بسبب طبيعتها الأنطولوجية وبحثها في الوجود وأسراره، لم يخل الأمر من التجربة ودراسة الطبيعة كما يظهر في كتب أرسطو عن الحيوان والنبات وفي نظريات ديمقريطس عن الذرة وأرسطرخس عن مركزية الشمس.
ثم سيطر العلم مع اكتشافات جاليليو ونيوتن وكوبرنيكوس وغيرهم في العصر الوسيط وتراجع النشاط التأملي وتحولت الفلسفة من مجال الأنطولوجيا إلى التجريبية والبحث في نظريات المعرفة فظهرت فلسفة ديكارت المبنية على أسس رياضية ونظريات بيكون وكانت العلمية .
وجاءت بدايات القرن العشرين بشكوك حول جدارة العلم بالسيطرة على التفكير البشري ..حيث ناقض العلم نفسه بظهور الفيزياء الكمية التي قوضت أسس الفيزياء الكلاسيكية وظهرت أسئلة لا يستطيع التقدم العلمي حلها فأيقن الإنسان أنه بالإضافة للعلم يحتاج النشاط الفلسفي للبحث في مصير الكون والأخلاقيات وعليه تنوعت مباحث الفلسفة بين العلوم مثل الفلسفة العلمية والتحليلية وبين النشاط الفلسفي مثل الفلسفة الأخلاقية والكوسمولوجية.


" العلم يمكنه أن يضع حداً للمعرفة، لكن يجب إلا يضع حداً للخيال" راسل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق